زلزال العيص .. عظة وتمحيص ...!!!
مبروك الصيعري
إن المتابع لزلزال الحجاز الأخير وما حصل لأهلنا في العيص وكذلك المناطق والقرى والهجر المتاخمة لها كالهدمة والشاقة وأملج والوجه وينبع البحر والنخل وبعضا من أحياء المدينة النبوية يحس بالخطر المحدق الذي يجب أن يعرفه الجميع ويستخلصوا منه الدروس والعبر وعدم الأخذ بتلك الأطروحات الإعلامية أو الجيولوجية والتي تعزو تلك الظاهرة إلى تغيرات في القشرة الأرضية بل وإن قلنا بقولهم فهذا يجب أن لا ينسينا أنها من آيات الله عز وجل التي يخوف بها عباده (ياعبادي فاتقون) وكذلك قوله تعالى (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) ولذلك فمتابعتي القاصرة للحدث منذ بدايته تنبأ بأن الأمر جلل والخطب صعب خصوصا أنني عايشت شيئا من هذه الزلازل في فترة من الزمن ولذلك أقول تأملوا معي هذا الرصد التاريخي والسبر الجغرافي للظاهرة منذ أن بدأت في عام 2005 ..
كانت بداية الهزات في منطقة العيص والتي تبعد عن المدينة النبوية قرابة 200كم وعن ينبع 100 كم وعن جدة 400كم وهذه المنطقة هي عبارة عن حرة والمقصود بالحرة المكان الذي تكثر فيه الحجارة السوداء نتيجة لبراكين قديمة حدثت قبل الإسلام وأن تاريخ هذه الحجارة والبراكين يرجع إلى 2700سنة كما يقول الجيولوجيون والعلم عند الله ويوجد في المنطقة أكثر من ثمانين فوهة بركانية لا يعلم أنها ثارت إلا قبل الإسلام. وقبل خمس سنوات تقريبا بدأ النشاط الزلزالي بشكل خفيف ثم ذهب وهذا إنذار إلهي ورحمة للناس بأن يتنبهوا لما هو قادم بخلاف البلدان التي أخذت فجأة , وفي السنة الماضية 1429 حصلت هزات خفيفة لم تشعر بها إلا آلات رصد الزلازل وفي هذا العام 1430 بدأت الهزات تشتد وتمتد وتزيد, ومن شهر تقريبا بدأ أهل المنطقة يسمعون في باطن الأرض دوي انفجارات كأصوات المدافع والرعد والبرق ثم رجت الأرض رجا وزلزل الناس وبدأت المباني تتصدع و تزداد نسبة ارتفاع الهزات 2.00 ومن ثم وصلت إلى 3.00 ومن ثم 4.07 وسجلت أقوى الهزات 5.05 على مقياس ريختر مما زاد من نسبة الخوف والقلق عند الناس كبيرهم وصغيرهم ذكراهم وأنثاهم حيث امتدت هذه الزلازل بدائرة نصف قطرها 100كم من كل اتجاه وأصبح الناس في حالة ترقب وفزع. ويقال أن المصهور البركاني(اللافا) كان على عمق 7كم من القشرة الأرضية ثم صار على عمق 5 كم من القشرة الأرضية ثم صار على عمق 2 كم من القشرة الأرضية مما يعني أن هناك تصاعد للمصهور البركاني فماذا بعد هذه الزلازل الله أعلم .
وماذا يجب علينا عمله التالي :
1) الإيمان بالله.. فالله هو الذي أرسى الأرض بالجبال (والجبال أرساها. أن تميد بكم) (وجعل الأرض قرارا) (وجعل لها رواسي ) فعندما تحدث الزلازل يري الله نعمته على عباده حين جعل لهم الأرض قرارا ولو شاء لانتقم منهم وما ذلك على الله بعزيز فاذكروا نعمة ربكم عليكم يا من تنعمون بقرار الأرض من تحتكم .
2) قدرة الله تعالى وضعف عباده , فالزلازل من الآيات الكونية التي ليس للإنسان قدرة في دفعها ولذلك لايصح أن يقال أن الوضع تحت السيطرة ..
3) تذكر أن هذه الزلازل من رحمة الله بعباده قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ) سنن أبي داود (4278) وصححه الألباني. فلو خلت الدنيا من المصائب لأحبها الإنسان وركن إليها وغفل عن الآخرة، ولكن المصائب توقظه، وتجعله يعمل لدار لا مصائب فيها.
4) تذكر الساعة لأن من اشراطها كثرة الزلازل فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ ،وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ ) البخاري (1036)
5) تذكر يوم القيامة وما به من أهوال ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) وقوله تعالى ( إذا زلزلت الأرض زلزالها )
6) أن من كان في محيط الخطر فعليه الانتقال عنه ..
7) ينبغي على المسلمين أن يشعروا بشعور إخوانهم ويألمون لألمهم ..
لا يجوز بث الهلع والفزع في الناس بل يجب تثبيتهم وتطمينهم وليس من التطمين والتثبيت أن نقول لهم: اجلسوا ما عليكم , لكن نقول لهم : ثقوا بالله , والله سينجيكم بحوله وقوته , أزمة وتزول , هذا ولا شيء بالنسبة لزلزال الآخرة , نحن ندعو الله لكم بأن يرفع البأساء عنكم , من أساليب التثيبت المعروفة.
9) الإتيان بالعبادات المناسبة للحال فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ..فيصلى الناس فرادى وجماعات عملا بقوله تعالى ( يا أيها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ..)